من نوادر الشعراء - المكيدة الناجعةقيل: إن الرّشيد خرج يوماً إلى الصيد ومعه حاشيته وكان من بين أفراد الحاشية أبو نواس.
ثم ذهب كلٌّ إلى عمله المخصّص له، وبقي في الصيوان الذي ضُرب للخليفة: خادم الخليفة، وطاهي الطعام وكان يدعى فرحات وأبو نواس، ولمّا انتصف النّهار جاع أبو نواس جوعاً شديداً فأقبل على فرحات وقال: أطعمني الآن لأنني أكاد أموت من الجوع، فقال فرحات: لا أطعم أحداً حتى يعود أمير المؤمنين، فقال أبو نواس. يجب أن تطعمني لأنّني لا أستطيع الانتظار طويلاً، فأجابه: قلت لك إنّني لا أطعمك قبل أمير المؤمنين.
فقال أبو نواس: تأكّد بأنّك إذا لم تطعمني فسيأكيدّن لكّ كيداً موجعاً، فقال فرحات إفعل ما بدا لك .. فتركه أبو نواس، وقد أضمر له الشرّ .. وكان بالقرب من الصيوان بعض الأعراب الرُّحل، فذهب إليهم وقال: ألا تشترون مني غلاماً عربياً إذا قال لكم: أنا حر، فلا تصدّقوه، وإذا كنتم ستتركونه إذا قال لكم ذلك فأخبروني، كي لا أبيعه لكم، وأبحث عن غيركم، فقالوا له: لا نصدّقه مهما قال، ونشتريه منك على عيبه بهذه الناقة، فقال أبو نواس، قبلت الثمن، بارك الله لكم فيه، ثم ساق الناقة أمامه، والقوم خلفه، حتى وصلوا إلى حيث فرحات فأشار لهم عليه، وكان واقفاً أمام المرجل يهيّء الطعام لمولاه أمير المؤمنين فقال لهم أبو نواس: ها هو امسكوه. فتقدّم الأعراب وأمسكوه وقالوا له: يجب أن ترافقنا أيّها المبارك فقد باعك لنا مولاك، فصاح بهم فرحات: ويلكم، أنا حرٌّ لا أباع، وهذا رجل منافق كذّاب، فقال له رئيسهم: ويحك يا رديء الطبع، إن هذا الذي تقوله الآن قد حذّرنا منه مولاك قبل أن نشتريك منه، هيّا معنا، وإلاّ أخذناك قسراً وضربناك بالسّياط، فأبى أن ينصاع لهم .. فجعل أحدهم الحبل في عنقه وربطوه كما تربط الماشية وجروه بعنف، وهو يصرخ ويصيح ويقول لهم: اتركوني، إنّ هذا الخبيث الذي باعني لكم كذّاب مهزار ليس له هنا أيُّ شيء، فقالوا له، ويلك أيها العبد العنيد، هيّا ... تعالَ معنا .. وصاروا يسحبونه بالقوة وهو يمتنع من الذَّهاب معهم أشدّ الامتناع، وبينما هم كذلك، إذا بأمير المؤمنين مقبل من الصيد، فلمّا سمع الضجّة سأل عن الخبر، فأخبروه أن أبا نواس باع فرحات لبعض الأعراب، فضحك حتى كاد يسقط عن جواده، وقال: لا بارك الله في أبي نواس.
ثمّ تقدم من الأعراب وقال لهم: اتركوا هذا الغلام وخذوا ناقتكم وفوقها ألف درهم .. إنّه حرٌّ لا يباع، وكلُّنا نشهد بذلك، فأخذ الأعراب الناقة والدراهم وانصرفوا، وفكَّ رباط فرحات وأبو نواس واقف يضحك منه، ولمّا عاد الخليفة إلى بغداد من رحلته، سأل أبا نواس عمّا حمله على أن يفعل بفرحات هذا الفعل، فقال: الجوع يا أمير المؤمنين، لقد أقسمت أن أنتقم منه لأنه لم يطعمني، فبالله سلْهُ هل اغتاظ أم لا؟، فقال الرشيد: وإذا كان غير مغتاظٍ منك فماذا أنت صانع؟ فأجاب: أصنع معه أ:ثر ممّا صنعت، وأقسم برأس أمير المؤمنين على ذلك، ولا أحنث بهذا القسم أبداً، فقال فرحات: عفواً يا أمير المؤمنين، احمني منه، إنه يقول ويفعل، فضحك الخليفة منهما وأمر لكلّ واحدٍ منهما بجائزة.
ثم ذهب كلٌّ إلى عمله المخصّص له، وبقي في الصيوان الذي ضُرب للخليفة: خادم الخليفة، وطاهي الطعام وكان يدعى فرحات وأبو نواس، ولمّا انتصف النّهار جاع أبو نواس جوعاً شديداً فأقبل على فرحات وقال: أطعمني الآن لأنني أكاد أموت من الجوع، فقال فرحات: لا أطعم أحداً حتى يعود أمير المؤمنين، فقال أبو نواس. يجب أن تطعمني لأنّني لا أستطيع الانتظار طويلاً، فأجابه: قلت لك إنّني لا أطعمك قبل أمير المؤمنين.
فقال أبو نواس: تأكّد بأنّك إذا لم تطعمني فسيأكيدّن لكّ كيداً موجعاً، فقال فرحات إفعل ما بدا لك .. فتركه أبو نواس، وقد أضمر له الشرّ .. وكان بالقرب من الصيوان بعض الأعراب الرُّحل، فذهب إليهم وقال: ألا تشترون مني غلاماً عربياً إذا قال لكم: أنا حر، فلا تصدّقوه، وإذا كنتم ستتركونه إذا قال لكم ذلك فأخبروني، كي لا أبيعه لكم، وأبحث عن غيركم، فقالوا له: لا نصدّقه مهما قال، ونشتريه منك على عيبه بهذه الناقة، فقال أبو نواس، قبلت الثمن، بارك الله لكم فيه، ثم ساق الناقة أمامه، والقوم خلفه، حتى وصلوا إلى حيث فرحات فأشار لهم عليه، وكان واقفاً أمام المرجل يهيّء الطعام لمولاه أمير المؤمنين فقال لهم أبو نواس: ها هو امسكوه. فتقدّم الأعراب وأمسكوه وقالوا له: يجب أن ترافقنا أيّها المبارك فقد باعك لنا مولاك، فصاح بهم فرحات: ويلكم، أنا حرٌّ لا أباع، وهذا رجل منافق كذّاب، فقال له رئيسهم: ويحك يا رديء الطبع، إن هذا الذي تقوله الآن قد حذّرنا منه مولاك قبل أن نشتريك منه، هيّا معنا، وإلاّ أخذناك قسراً وضربناك بالسّياط، فأبى أن ينصاع لهم .. فجعل أحدهم الحبل في عنقه وربطوه كما تربط الماشية وجروه بعنف، وهو يصرخ ويصيح ويقول لهم: اتركوني، إنّ هذا الخبيث الذي باعني لكم كذّاب مهزار ليس له هنا أيُّ شيء، فقالوا له، ويلك أيها العبد العنيد، هيّا ... تعالَ معنا .. وصاروا يسحبونه بالقوة وهو يمتنع من الذَّهاب معهم أشدّ الامتناع، وبينما هم كذلك، إذا بأمير المؤمنين مقبل من الصيد، فلمّا سمع الضجّة سأل عن الخبر، فأخبروه أن أبا نواس باع فرحات لبعض الأعراب، فضحك حتى كاد يسقط عن جواده، وقال: لا بارك الله في أبي نواس.
ثمّ تقدم من الأعراب وقال لهم: اتركوا هذا الغلام وخذوا ناقتكم وفوقها ألف درهم .. إنّه حرٌّ لا يباع، وكلُّنا نشهد بذلك، فأخذ الأعراب الناقة والدراهم وانصرفوا، وفكَّ رباط فرحات وأبو نواس واقف يضحك منه، ولمّا عاد الخليفة إلى بغداد من رحلته، سأل أبا نواس عمّا حمله على أن يفعل بفرحات هذا الفعل، فقال: الجوع يا أمير المؤمنين، لقد أقسمت أن أنتقم منه لأنه لم يطعمني، فبالله سلْهُ هل اغتاظ أم لا؟، فقال الرشيد: وإذا كان غير مغتاظٍ منك فماذا أنت صانع؟ فأجاب: أصنع معه أ:ثر ممّا صنعت، وأقسم برأس أمير المؤمنين على ذلك، ولا أحنث بهذا القسم أبداً، فقال فرحات: عفواً يا أمير المؤمنين، احمني منه، إنه يقول ويفعل، فضحك الخليفة منهما وأمر لكلّ واحدٍ منهما بجائزة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق